الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية لهــــــــذه الأسبـــــاب اندثـــــرت الأحـــــزاب التي تقرّبت الى النهضة

نشر في  29 أكتوبر 2014  (10:48)

 عندما يعترف عبّو : «المؤتمر حاد عن مبادئه التي أســــــس من أجلها»


بن جعفر : جاء يتبّع في خطوة الحمام ضيّع خطوتو»


الشابي : سنوات النضال لم تشفع له تبعيته للنهضة!

أكدت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي أجريت في تونس اندثار العديد من الأحزاب التي كانت تعتقد -أو هكذا تروِّج- بأن لديها شعبية ووزنا في الساحة السياسية، ولعلّ الملاحظة البارزة في هذا الإطار تتعلّق بحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتّل اللذان تاها في زحام الانتخابات ولم نجد لهما أثرا، وقد فسّر العديد من المحللين السياسيين ان إخفاق الحزبان المذكوران يعود أساسا لفشلهما  في  المرحلة التي مسكا فيها الحكم إلى جانب النهضة، علاوة على الأخطاء  السياسية الفادحة التي ارتكباها في فترة رئاسة الترويكا، وقد اعترف عماد الدايمي رئيس حزب المؤتمر بهذه الأخطاء في حوار أجراه مؤخراً مع جريدة الشرق الأوسط حيث أكد على «وجود عدة أخطاء في تجربة الترويكا الحاكمة مع حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وقال إن التحالف عجز عن تشكيل هياكل لمتابعة أداء الحكومة وإنجاز الالتزامات المشتركة وتقييم العمل الحكومي وكذلك مقاييس التعيينات الإدارية» وأضاف الدايمي أن تلك الأخطاء أدت فعلا إلى شعور بتبعية القرار لحركة النهضة، وإلى عدد من الاختلالات، وأضاف :«نحن أكثر من تضرر من هذا التحالف الثلاثي لأننا ضحينا باستقرارنا الداخلي من أجل استقرار بلادنا..» و كتأكيد على الأخطاء التي وقع فيها المؤتمر من أجل الجمهورية يمكن التذكير بالتصدعات التي حصلت داخله ودفعت ببعض رموزه الى الانسحاب وتكوين أحزاب أخرى، ويمكن أن نسوق محمد عبو كمثال على ذلك وهو الذي أكد سابقا « أن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حاد عن مبادئه العامة التي أسس من أجلها» وهو ما جعله يقرر الانسحاب لتكوين حزب يستفيد من أخطاء المؤتمر..    
من جهة أخرى وعلاوة على هذا الاعتراف الضمني لرئيس حزب المؤتمر بالضرر الذي لحق هذا الحزب نتيجة تبعيته للنهضة لابد من التذكير بالقواسم الأيديولوجية والدينية المشتركة التي تجمع المؤتمر بالحركة وهنا نتذكر كيف فتح المرزوقي أبواب قصر قرطاج أمام المتشددين وكيف تهجَّم أعضاء من المؤتمر على الديمقراطيين وكيف تخلّى الرئيس المؤقت عن المبادئ التي انتخب في الانتخابات قبل الفارطة من أجلها ليخذل بذلك مناصريه وكل من صوّت له ولحزبه سنة 2011.. بدوره لم يكن حزب التكتّل من أجل العمل والحريات أحسن حظا من المؤتمر وهو الذي تضرّر أيضا من تبعيته لحركة النهضة وعدم استقلال قراره السياسي الشيء الذي جعله شريكا في الأخطاء التي ارتكبت على مدى ثلاث سنوات وأدّت بالبلاد إلى الوضع الذي وصلت إليه ودفعت الشعب لاتخاذ قرار إقصاء مثل هذه الأحزاب، وبالتالي فقد بن جعفر شعبيته بعد أن تقرّب بشكل مفضوح للنهضة من أجل أغراض سياسية ومصالح حزبية ضيقة فخسر بدوره القاعدة الديمقراطية والمدنية التي صوّتت له سابقا بعد أن اعتقدت أنه سيدافع عن قناعاته الديمقراطية بكل شراسة..

بدوره خسر الحزب الجمهوري ثقله ووزنه على الساحة بسبب قربه من النهضة من أحل كسب رضاءها قبل الانتخابات الرئاسية، ورغم المسيرة النضالية الكبيرة للأستاذ نجيب الشابي ولرفيقة دربه ميّة الجريبي فقد كان لتقرّب حزبهما المعلن لحركة النهضة انعكاسا سلبيا على نتائج الجمهوري في التشريعية لتتجلّى مرة أخرى حقيقة رفض الشعب للتبعية ولتجربة حكم النهضة التي خسرت هي الأخرى جزءا لا بأس به من شعبيتها نتيجة ارتكابها للعديد من الأخطاء وعدم التزامها بما وعدت به، وقد دفعت هذه الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها حكومتيها الأولى والثانية، بالكثير من التونسيين إلى التخلي عن مساندتها ومساندة الحكومة المنبثقة عنها، فالتظاهرات اليومية التي كانت موزعة بين كل الجهات التونسية كشفت عن تنامي الغضب على الحكومة، وهو ما جسدته عمليات حرق مقرّان حركة النهضة، وهو ما يؤكد انحدار شعبيتها. ورغم تسويق «النهضة» لـ«مؤامرة تقودها أحزاب الصفر فاصل وبقايا النظام السابق»، فإنها لم تتمكن من إخفاء فشلها وعدم التزامها بما اتُّفق عليه.
فمنذ اليوم الاول بدأت سلسلة نقض المعاهدات، إذ رفضت كتلتها في المجلس الوطني التأسيسي تحديد موعد لنهاية أشغال المجلس الذي حدده المرسوم الداعي إلى الانتخاب بسنة وماطلت  أيضاً في تحديد موعد للانتخابات، وهو ما فتح الباب لاهتزاز الثقة بين الحركة والشعب التونسي، الذي بدأ يلاحظ بوضوح هيمنتها على الإدارة بتعيين أنصارها والمقربين منها في المناصب الحساسة مثل المسؤولين الجهويين والمحليين وتوزيع أنصارها على المؤسسات التربوية ومحاولة وضع يدها على القضاء والإعلام. كذلك عمدت الى سياسة «العصا لمن عصا» مع رجال الاعمال، فدخل الكثير من المشكوك في ثرواتهم في طاعتها وخدمة مشاريعها، فيما غضت الطرف عن المتشددين الذين تحوّل البعض منهم الى «شرطة» أخلاق غير معلنة يعتدون على المعارضين والحريات والصحافيين والفنانين..وجاءت احداث الرش في  سليانة  الذي ذهب ضحيته عشرات الشبان ليُفقدها جانبا هاما من  المساندة الشعبية التي كانت تحظى بها، على اعتبار ان ما حدث في سليانة لا يختلف في شيء عن قمع النظام السابق الذي ثار التونسيون عليه.
وفي سابقة غير محسوبة تنمّ عن غياب تام للحنكة السياسية، دخلت الحكومة في لعبة ليّ ذراع مع النقابيين الذين استهدفتهم صفحات حركة النهضة بحملات تشويه منظمة تذكر التونسيين بأيام القمع. كما اعتُدي أيضاً على مقرّان الاتحاد، وقد كان الاعتداء الهمجي الذي استهدف المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل في الذكرى الستين لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد إبان حكم الترويكا خطأ آخر أفقد النهضة الشعبية التي حظيت بها في الانتخابات السابقة، بالتوازي مع ذلك  فشلت حكومتيها الأولى والثانية في تقديم مؤشرات حلول لمشاكل البطالة التي تواصل  ارتفاعها يوما بعد يوما والتضخم الذي عمّق الأزمة الاقتصادية، الشيء الذي أدى الى فقدان، للمرة الاولى في تاريخها، موقعها في دافوس. لكل هذه الأسباب تراجعت النهضة واندثرت الأحزاب التابعة لها..